-A +A
وليد احمد فتيحي
نشرت صحيفة The Wall Street Journal مقالاً يوم الأربعاء الموافق 22 مارس 2006م، بعنوان معايير جديدة للمستشفيات، تُنَادي بتخصيص غرفة لكل مريض «عدم اشتراك مريضين في غرفة واحدة».
ويؤكد المقال أن ما كان يُنظر إليه في السابق على أنه تَرف ورفَاهِيَّة تتمتع به الأقلية الغنية أصبح اليوم ضرورة صحية وعلى وشك أن يصبح قانوناً على كل مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن الأدلة والدراسات كلها تشير بدون أدنى شك إلى أن اشتراك مريضين في غرفة واحدة له الكثير من المضاعفات السلبية، وأذكر منها أربعة هي:

1- ارتفاع نسبة انتقال العدوى والأمراض والالتهابات.
2- زيادة الأخطاء الطبية.
3- تعارض هذا مع حق المريض في الخصوصية وسرية المعلومات الطبية.
4- زيادة الضغوط النفسية السلبية على المريض.
ويشير المقال إلى أن التعليمات والقوانين الجديدة لتصميم المستشفيات والمتوقع صدورها هذا الشهر ستنادي ولأول مرَّة بتخصيص غرفة لكل مريض كمتطلب أدنى للحصول على تصريح بناء مستشفى جديد أو للتوسع في المستشفيات الحالية وكذلك كشرط أساسي للحصول على تصريح تشغيل أي مستشفى جديد في أمريكا.
وسيكون لهذا القانون تأثير كبير على أكثر من ستة الاف مستشفى في أمريكا، والتي تشهد زيادة في الاحتياج إلى غرف مرضى في أكثر من 40 ولاية أمريكية نتيجة لزيادة نسبة المسنين، وتقدر تكلفة إعادة البناء والتوسع في هذه المستشفيات بحيث تتعدَّى ثلاثين بليون دولار في عام 2009م، مقارنة بعشرين بليون دولار في العام الماضي.
وتؤكد الدراسات أن تخصيص غرفة لكل مريض لن يؤدي فقط إلى رعاية صحية أفضل وحماية للمريض بل سيؤدي إلى انخفاض تكلفة العلاج «Better Economics».
يقول سكوت لاتيمير «Scot Latimer» رئيس مجموعة المهندسين المعماريين للمستشفيات «قريباً سيصبح اشتراك مريضين في غرفة واحدة في المستشفيات شيئاً من الماضي»، ويوضح أنه بالرغم من ان تكلفة بناء المستشفيات ستكون أعلى نتيجة تخصيص غرفة لكل مريض إلاَّ أن هذا النظام الجديد سيكون له مردود اقتصادي إيجابي على المدى البعيد، وبصدور هذا القانون الجديد لن يكون لشركات التأمين خيار في تغطية تكلفة الغرفة فهذا هو القانون الذي سيسري على الجميع.
ويعتقد أن القانون الجديد سيخفض تكلفة العلاج لأسباب عدة أهمها الدراسات التي تؤكد أن المريض يُشفى أسرع إذا عولج في غرفة خاصة به، فهو أقل عرضة لانتقال العدوى والأمراض، وهو أقل عرضة للحصول على دواء خطأ، وأقل عرضة أن يكون ضحية الأخطاء الطبية والالتباس الوارد بينه وبين المريض الذي يرقد جواره في نفس الغرفة.
بل ويعتقد أن المستشفيات ستنجح في أن تصل إلى نسبة إشغال أعلى بهذا التصميم الجديد، والتي كثيراً ما يكون الحائل دون تحقيقها وجود نسبة من المرضى من أحد الجنسين أعلى من الاخرى وبالطبع لا يستطيع المستشفى وضع رجل وامرأة في غرفة واحدة، وفي هذا كذلك خفض للتكلفة التشغيلية التي تتزايد في حال الغرفة المشتركة نتيجة كثرة تحويل المريض من غرفة إلى أخرى لتحقيق التوافق بين نوع الجنس «ذكر أو أنثى» وطبيعة المرض في بعض الأحيان.
وتبين الدراسات كذلك «وإن كان الأمر بديهياً ولا يحتاج إلى دراسات» أن المريض ينام بطريقة أعمق ويتمتع بنفسية أفضل عندما لا يوجد معه مريض آخر في الغرفة نفسها خاصة إذا ابتلي شريكه في الغرفة بمرض الشخير أو السُّعال، وتكون حالة المريض كذلك أفضل عندما يرى زائريه لا زائري المريض المجاور.
أما بخصوص انخفاض نسبة انتقال الأمراض والعدوى في المستشفيات التي تخصص غرفة لكل مريض فالدراسات تؤكد ذلك لأسباب بديهية منها أن المريض في الغرفة الخاصة لا يحتاج لأن يشارك مريضاً آخر دورة المياه حيث تكمن البكتريا وتتربص بضحيتها الجديدة، ولا يتعرض كل مريض للفيروسات والبكتريا التي تنتقل بواسطة الهواء من مريض لآخر في الغرفة نفسها. وبالطبع فان الممرضة أو الممرض الذي يعتني بمريضين في غرفة واحدة قد يلمس المريض الأول ويغفل عن غسل اليدين قبل لمس المريض الآخر، أو قد يلمس الستارة العازلة بين المريضين أو جهاز قياس ضغط الدم أو غيرها من الأجهزة الطبية المشتركة بين المريضين.
يقول البروفسور زيمرنغ «Craig Zimring» إزاء زيادة نسبة الالتهابات والعدوى في غرف المرضى المشتركة «وهو البروفسور الذي قدم بحثاً مفصلاً عن أنجع الطرق وأكثرها فعالية لتصميم وإدارة المستشفيات على مستوى امريكا». يقول «إنه لا يسعنا أن ندير مستشفيات الولايات المتحدة بأي شيء أقل من تخصيص غرفة لكل مريض». والأمثلة كثيرة وعديدة ومنها مستشفى خاص بني مؤخراً ليس فيه غرفة واحدة مشتركة ووضع في كل غرفة حوض لغسل اليدين قبل وبعد فحص المريض مما أدى إلى انخفاض نسبة الالتهابات بنسبة 45% مقارنة بالجناح القديم من المستشفى والذي فيه غرف مشتركة والتي أغلقت بعد افتتاح المستشفى الجديد.
ويقول أحد رؤساء المستشفيات التي بنيت حديثاً واتبعت المعايير الجديدة «كل مريض يستحق غرفة خاصة بغض النظر هل المريض غني أم فقير».
ان الدراسات تؤكد أن تخصيص غرفة لكل مريض أصبح ضرورة صحية وليس ترفاً ورفاهية وفي غضون أعوام سيصبح قانوناً مطبقاً في أمريكا ومن ثم دول أوروبا وغيرها .. وإنني أتمنى أن لا ننتظر كثيراً في تطبيق هذا القانون في بلادنا خاصة وأن كثيراً من المستشفيات التي يزمع بناؤها مازالت في مراحل التصميم.
وإنني أناشد وزير الصحة والمسؤولين أن نسارع في مراجعة الموضوع والاستفادة من التجارب والأبحاث والدراسات التي تمت في هذا الصدد، ففي هذا تحقيق لمصالح طبية وصحية واجتماعية واقتصادية عديدة للمدى القصير والبعيد.
طبيب استشاري ورئيس مجلس إدارة المركز الطبي الدولي
فاكس: 6509659
Okazreaders@imc.med.sa